27‏/04‏/2011

أنا السجين



وها أنا أفرش لرأسي وسادة الذاكرة المُتخمة بطعم الفرح الذي ماعاد يُغَذيني,لأسترق منهُ لوجهي ملامحاً لا تشبه الصحراء ولا تشبه ظُلمة السماء ولا تُشبهني

عينايَّ لا تسكنها الحُمرة, وجنتيَّ لا يلعب بملعبها الدمع, وشفتايَّ تنفض من عليها غُبار الـ(آآه) لتسحب من وشاح الذاكرة شيئاً يشبه الإبتسامة لترتديه ..

ذاك لأني أخذت أُقلب في صور الأمس وقبله, حتى انغمست أهدابي بقاعه وحملني حمام الذكريات لحيث كُنت, أشم عطر أمي يُصلي نافلة العصر بمحراب بيتنا

أسمعُ صوتَ أُمي يُرتِلُ آياتَ حُب تُحيط بقلبنا, وهاهيَّ أُمي, فيا أُمي .. سأرميني فوق حضنك لأغفو قليلاً كطفلٍ لم يستحق الفطام بعد, ويا أمي عاتبيني عن ليالٍ لم أنمها بالجوار

وعاتبيني لأنكِ بسببي رافقتي البكاء, لا تكترثي لقامتي الطويلة و أكتافي العريضة و صوتي الأجش وعاتبيني كالأطفال, تماماً كالأطفال ..

ياااه, مالي أحن للطفولة؟ وهل أنوي أن أرميها بحقيبة أشجاني المنتفخة؟ وأن أُفرغ بعينيها ما بعيني من الدموع المكبوحة؟

لا لم أفعل,فقط تركت الدمع ليغفو بوجه الليل ورحت أدور حول ذاكرتي المُبتسمة, لأُلون هذا السقف الرمادي المرتفع بألوان فرحٍ لم يعهدها, وأفرش الأرض أخضَر وأنثُر طعم سُكَر

ومن فتحة نافذةٍ ضيقة أرسل قبلات حُب على خد القمر ..

تعريت من قدمي-لاحاجة لي بها- هُنا الأقدام لا تمشي وفقاً لرغبة أصحابها, تركت كفيّ تتوسط أغلالهم- أما عيني فكعادتها مغمضتين لا أفتحها إلا في الحُلم

وأبقيت رأسي متوسداً ضجيجاً لا يهدئ من الدموع .. ومكتضاً بمشاعرٍٍ لا تحتمل الفرَح.. وحتى تمكنت من نزع جسدي حملت روحي وطِرت.. وحيث إن ساعات الليل انقضت

وأقبلت الشمس مبتسمة تحيي كُل البشر خارج حدود الزنزانة, وبما إنني خارج نسبياً أحببت أن أُحيط روحي بأشعتها لتحترق, ولكنني لم أحترق لأنها كانت "رغبة" والرغبات هُنا - أييَّ كانت - لا تُلبى..

ولأن للحقيقة جاذبية تغلب جاذبية الحُلم أسقطتني من السماء إلى أرض نصف عارية لا تلتحف إلا بقذارةٍ تُلبس أجسادنا تهمة الإرهاب, ..