في ليلةٍ صيفية باردة تتجمد فيها مشاعر البشر, أمارس أنا هواية التسكع على أرصفة النفوس, القلوب والذاكرة.. أطل عليها من بعيد بعين مجردة من أكاذيبهم , ألاعيبهم ونفاقهم
فأراهم عراة من الإنسانية, يرقصون على حبل أكاذيبهم بخفة شديدة توصلهم إلا حيث يبتغون دون أي عرقلة ..
حقيقةً, أنا أرى المشاهد كُلهاا بعين واحدة وفي آن واحد , ولأنكم عاجزون على ذلكـ سأُخبركم إياها واحدة تلو أُخرى ..
..(( خيانات سِرية ))..
(..)
هناكـَ فوق الغيمة الوردية وعلى ضوء نجومٍ لازوردية .. وبعدما أضافَت لأناقتها المعهودة بعض لمساتٍ تُثيرُ شهية قلبه وتسرق لُب عقله لتُنيمه وسط مفاتنها كقط صغير ..
تترنح يميناً ويساراً مستطربة على إيقاع دقات قلبها المفتون عِشقاً, تفترش المائدة بأطباقها الشهية , بأصناف الطعام التي يُحبها, والكعكة التي يُدمنها , تعتليها شمعة يتيمة تحترق إنتظاراً..
وهناكـَ حيثَ الإضاءة الصفراء, وعلى كرسيٌ فخم وطاولة خشبية أنيقة تُحيطها ستاثراً شفافة, يُخلص فقط لجنونه , لهزله , ينصاعُ طوعاً لكيدها, تتراجع وقتها فصاحة لسانه و تخونه براعته في التمثيل
يتوعدها بلقاء آخر ثُم يدفع الفاتورة ويخرج ..
لم يعد الآن ما يُثير الشُبهة, لم يواعدها , لم يداعب ببلاهته خاصرة عينيها, لم يتلعثم حينَ تعانقت كفيهِ بكفيها , أبداً, لم تتلبسهُ الخيانة .. فقد تعرت تماماً, فعادت لهُ براعته ودهائه, يشتري لها هدية ليغني أُغنية حُبهما الأوَل ..
لَم تُفرحها الهدية بحجم إبتسامته الصفراء وقُبلة نتنة أنستها دوران عقارب الساعة, أنستها غفوتها على الأريكة فانهالت عليهِ,أبرحتهُ عِناقاً, بانوثتها المفرطة وعيدُ حُبِ أول حبيبي ..!!
(..)
اقتطفن عناقيد العُمر سوياً, تنفست صباحاتهن بروح الصداقة وانجَلت لياليهن بِعُمق الحَكايا, يستقلن مركبة الزمَن ويسافرن إلى محبوبها الأوَل, عاشقها المجنون, أميرُ قلبها وبطُل حكاياتها اليومية, تُطعم قلب صديقتها الضعيف تفاصيلهُ الشهية, مبادئهُ الرجولية, ابتسامته الطفولية, وآهٌ كم تتنفس الصعداء مراراً لتصِف روحه الملائكية وكيف تشعر بالدفء بقربه وكيف يحتويهِ بقلبها وكأنهُ موطنها الفسيح فتسرح فيهِ وتمرح, ولا تدري بأنها بعفويتها الشديدة قد أهدت صديقتها طُعماً لذيذاً على طبقٍ من ذَهب..
ومازالت الحكايا تُعيد نفسها كُل ليلة حتى أنهت الصديقة من رسم خريطة قلبه جيداً وسنّّت أنيابها , نهشته , علكته , حتى صارَ ليناً في الهضم ..