24‏/09‏/2009

أينَ العيد ؟؟


منذ نعومة أفكاري , منذُ كانت حديثة الولادة , وشديدة الطراوة , كنتُ أحلُم أن يكون لي ~ وطن ~
أُسميهِ كما أريد , أرسم حدوده كما أُريد , أنا ملكته , أنا دستوره , أنا , أنا , أنا و أنا .. وكُل شئ فيه أنا ..
ألبستُ ذاكـ الفِكر الوليد لباس الأنانية , وأنمتهُ على مهدِ الغرور ..
علمتهُ أغنية العيد ميلاد , ليغنيها فقط في الخامس من كُل يوليو
وعلمته كيف يضيف شمعة واحدة في كل سنة و في الخامس أيضا من كل يوليو
علمتهُ إنَّ العيد ثيابي الجديدة و شعري المسرح .. علمتهُ كيف يثني فقط على مرآتي ..
وكيف يقول لها : كُل عام وانتِ بخير يا حلوتي ..

حتى كبُر ذاك الفكر الصغير المدلل , الفكر اللذي ترعرع في كنف نفسه ,
وأُرضِع من لبن الـ " أنا " , الفكر اللذ كان يخشى الحرية , الفكر اللذي كسَر قيوده البلاستيكة بصعوبة شديدة ,

وكم من تلميذ غلب أستاذه ..
علمني بأن الـ"أنا" سجن انفرادي , صعب العِشرة .. نبهني لكيف كُنتُ أُطوِّق نفسي بشعور الوحدة ..
وفي يوم عيد الفطر هذا .. أمسكـَ بيدي وقال : تذوقي لذة العيد وأنت من لباس الأنانية نصف عارية ..
( وبيني وبينكم ) أنشودة " أين العيد" رسمت خلفها علامات استفهامية كبيرة , و أخذ الكل يبحث عن عيده ..


فأين العيد ؟


أنا عيدي في ذاك الصدراللذي أشبعني حناناً , في تلكـَ المكتبة التي سقتني علماً , في ذاك الفاه اللذي مانطق إلا صدقاً
تلكـ الروح التي هيَّ في العيد أحلى من كسوتنا الجديدة , تلك القبلة التي تجعل الحزن يفرح , والدمع يبتسم ,
في ذاك الجسدُ اللذي لن أفي حقه ولو حملتهُ على جسدي و طُفتُ بهِ سبعاً ..
فكُل عامٍ وأنتِ بخير يا أُمي ..


وعيدي في الأسم اللذي يفخر بأن يكتب تحتهُ إسمي , في ذاكـَ البياض اللذي يطوق رأسه وأسرق منهُ إيماني ,
في تلك العِبّر التي أزين بِها تفاصيل حياتي , في تلك الإجابات التي تأبى ألا تقطع حيرة سؤالاتي ,
في تلك السواعد التي شُمرت لتصنع جيلا تفخر بهِ
فكُل عام وأنتَ بخيرٍ يا أبي ..

عيدي في تلكـ الأرواح التي تشابه روحي , في تلكـ الأجساد التي من لحمي ودمي ,
في تلكـ الريشة التي تجيد رسم الإبتسامة على شفتي
و تلكـ الأذرع التي لطالما تشابكت معها أذرعي , ونزلت إثرها أدمعي , وطبعت " شماميخٌ " على جسدي ..
كُل عام وانتي بخير يا أختي وصديقتي و شبيهتي , ولا أنسى ( النونو) القادم في الطريق ..
كل عام وأنت بخير يا من تذوقت منهُ كل أنواع الضربات و الكدمات وووو إلخ وماهي اليوم سوى ذكرى لذيذة
كُل عامٍ وأنت بخير أيها المحبوب , أيها الرحال الصغير ..
كُل عام وانتن بخير أيتها المشاكستان الصغيرتان يا آخر العنقود
كُل عام وانتنَّ بخير يا إخوتي الغير شقيقات , كُل عام وانتن إخوة وصديقات ..
كذلكـ لا يصفى هواء العيد إلا بعد أن يستنشق أنفاسهم , ولا تتلون الحياة إلا بلقائهم , ولا يكتمل العيد إلا بعد أن أقول :
كُل عام وأنتم بخير يا أهلي و أقاربي ..


وإلا هُنا تجردتُ من نصف أنانيتي في هذا العيد .. وبقيتُ متمسكة بالنصف الآخر ولن أنزعه ..
هوَّ نصفي "أنا" فكيف لي أن أنتزع الـ"أنا" هُنا ..
وتحقق الحلم وصار لي ~وطن~ , أُسافر منهُ إليهِ , تذكرتهُ وردة توليب , وكلمة حلوة , وابتسامة لذيذة
الأرض فيه خصبة تُفجر ألغام حبٍ حين ترتمي عليها روحي , و أسوارها تلتف حولي , حدوده بين يديه تبدأ وتنتهي ..
فأينَ العيد ؟؟ قضيتهُ متربعةُ على عرشٍ بناه لي في قلبه , فما أحلى العيد بقربه
هوّ ألوان العيد الزاهية , سماءه الصافية , هوَّ ليس عيدي فقط , بل هوَّ أجمل عيدية ..
أبعد كُل هذا ألا يحق لي أن أكون بهِ أنانية ؟؟
و ختمتُ بهِ حديثي لأنه يجب يكون الختام مسكـ , ولا أجِد أجمل منهُ خِتام
فكل عام وأنت بخير يا زوجي ..

هناك تعليقان (2):

عقدة المطر يقول...

لا يحلو العيد الا بقوب تطوقنا أرة تحيطنا
صغارهم وكبارهم ذكورهم وإناثهم .. قريبهم وبعيدهم
العيد يكون بلم الشمل بالتقاء الصداقة والاحبة والأهل
تذكرت الآن أن هناك معايد صغير وجد العالم في بصره الصغير من يومين وكان المفترض أن أقول لأمه كل عام وأنتِ وهذا الصغير بألف خير ...


العزيزة ولاء
كل عام وأنت بخير .. لك ولكل من هم حولك ولا حرمك الله منهم فبهم يكتمل العيد


مودتي

ولاء العُريبي يقول...

أيام ورسالتي تفتقر إلى تعقيب ..
شكراً لأنك رسمت على وجهها ابتسامة تشبه ابتسامة العيد ..